الجمعة - 26 أبريل 2024 - 9:55 صباحًا
الرئيسية / اسلايدر / عَيْنُ الشَيْطَان

عَيْنُ الشَيْطَان

عَيْنُ الشَيْطَان

يكتبها ويرد عليها: عادل موسى

 

 

لا أعتقدُ أن أحدًا سيسامحُني..

أعلمُ أنني مذنب.. مجرم.. اقترفتُ إثما مضاعفا وتماديت فيه لسنوات.. كنتُ أباتُ على نشوته وأصحو على انتظاره.. لكن الندم كان يحرقُ هذه النشوة ويحيلها إلى شبحٍ يطاردني حتى في نومي.

أعملُ مساعدا لمدير أحد الفنادق الكبرى في إحدى المدن الساحلية التي لا تعرف سوى السائحين والراغبين في قضاء أشهر العسل والباحثين عن مكان يغيبون فيه عن الأعين.. وعن الواقع المتعب.. بل عن الحياة نفسها.

منذ عملي وأنا نموذج للنشاط والحيوية.. أبتكرُ حلا لكل مشكلة.. وأجدُ خلاصا من أي معضلة..ولا أعرف معنى كلمة المستحيل.. حتى أصبحت مصدر ثقة المدير.. ووجهته في كل نائبة.

وعندما اقتربت منه لاحظت ميله للنساء بصورة واضحة.. حيث كان يتابعُ أي امرأةٍ حتى تختفي من أمامه.. فلا يتركُ نزيلةً إلا فحصها وحاول التقرب منها.. فكان يجد الصد تارة ومرات يجد الباب مفتوحا على مصراعيه.. لكنه كان يكتفي فقط بأن يراقب من بعيد وعندما تسمح له أي نزيلة بالجلوس معها والحديث إليها كان ينفض عنها بلا سبب واضح.

وكنت ألاحظُ كثيرا وجوده حول حمام السباحة في أوقاتِ الذروة.. فكنتُ أقتربُ منه لأسألَ عن أي شئٍ يمكنني تقديمه لكنه كان يتعلل بأنه يتفقدُ المكانَ ليطمئنَ على جودةِ الخدمة ورضا الزبائن.

وذات يومٍ حلت في الفندق نزيلةٌ كانت في غاية الجمال والفتنة حتى أنها لفتت أنظار الجميع.. وظلت محل اهتمام الرجل بصفة خاصة حتى رحلت.. وكنت جالسًا معه بعد رحيلها بحوالي أسبوع فجاءت سيرتها عفوا فإذا به يخرج موبايله طالبا مني أن أقتربَ منه.. وعندما اقتربتُ وجدتُ آخر شئ كنت أتوقعه.

لقد التقط المدير صورا للنزيلة وهي في حمام السباحة مع فيديو قصير.. واحتفظ بها على تليفونه.. بدت الصدمة على وجههي واستنكرت الأمر لكنه قال لي إن هذا الأمر عادي للغاية وكثيرون يصورون الناس بلا حساسية مثلما يحدث في الأفراح وعلى الشواطئ.. وعندما حدثته عن شرف المهنة والأمانة لوح بكلمات معناها أن نهاية عملي في الفندق قد اقتربت أو تكون قد حانت إذا تحدثتُ في هذا الأمر مرة ثانية.. أو ذكرته لأحد.

لم ينته الأمر عند هذه الواقعة.. بل بدأ بها.. لقد فاجأني ذات مرة بأن أعطاني تليفونه وطلب مني أن أصور إحدى النزيلات وآتيه بصورها.. وعندما اعترضت هددني بالفصل وترك العمل خاصة بعد أن أصبح يمتلك حصة في الفندق.

لا أدري كيف طاوعته.. ولا أعلمُ كيف تماديتُ في الأمر.. وعندما صارحته بما أشعرُ به من ذنب قال لي إنه يزيل هذه الصور من التليفون بعد فترة قصيرة من التقاطها.. وأنه لا يريها لأحد مهما كان.. وأكد لي أنها فقط لمزاجه الشخصي.. فاستمر الأمر لعدة أشهر زادت فيها همومي وكثرت آلامي.. لكن لم أكن أتصور ماحدث بعد ذلك.

طلبني المدير يوما في مكتبه وبعد أن دخلتُ طلب مني أن أغلق الباب خلفي.. وعندما جلست سارع يخرج من مكتبه جهازا دقيقا صغير الحجم للغاية.. وقربه مني وعندما تساءلت عنه أخبرني أنه كاميرا حديثة أحضرها خصيصا من أوروبا فظننت أنها للمراقبة.. لكن الكارثة كانت في حقيقة الأمر.

لقد طلب مني أن أنتقي غرفة متميزة نخصصها لنزلاء بعينهم يختارهم هو بنفسه ثم نركب فيها هذه الكاميرا وبالتحديد في مواجهة السرير لتكشف مايدور عليه.. على أن يخصص هذه الغرفة للنزلاء الراغبين في قضاء شهر العسل أو الاحتفال بعيد زواجهم.

لكم يدم اعتراضي كثيرا بعد أن وصلتُ لمرحلة كنت أشاركه فيها رؤية الصور وانتقاء الفرائس.. ولم أعد فقط أنفذ تعليماته بل أقترح عليه نزيلات بعينهن.. والعجيب أن الأمر أصبح بالنسبة لنا عاديا بل مشوقا.. وتلاشى مع الأيام الإحساس بالذنب.. أو أنني تناسيته وتجاهلتُ صوت ضميري.

ركبنا الكاميرا وترقبنا أول عروسيْن كانا ضحية شهوتنا المحمومة وأخلاقنا المعدومة.. كنا نعيشُ معهما لحظاتهما ونشاركهما أنفاسهما.. وعندما رحلا كان لدينا أكثر من 10 فيديوهات.. أقلها كارثة بالنسبة لهما.

صار الأمرُ بالنسبة لنا إدمانا ننساق إليه دون شعور.. ونلهثُ خلفه بلا توقف.. لا نشبعُ مهما نهلنا منه.. ولا نرتوي مهما تجرعنا من كأسه.

ومع مرور الوقت صار الأمر لعنةً أكثر من كونه متعة.. لكن ما كان يخففُ من وطأته أننا كنا نمسحُ الفيديوهات بعد مرور وقتٍ قصيرٍ عليها أو عندما تأتي فريسةٌ جديدة.. والآن عاد الندم يطاردني والذنب أصبح عبئا ثقيلا يجثم على صدري.. هل أتمادى فيما أفعل وأترك نفسي لوطأةِ الذنب.. أم أقاومُ شيطاني وأرفضُ التمادي في هذه الفعلة النكراء؟.. ووقتها لا أدري ماذا سيفعل المدير معي.

م. أ. ع

الرد: لا أدري أنا كيف يقرُ لك قرار.. أو يهدأُ لك بال.. ولا كيف تنامُ لك عين.. أو يسكنُ لك ضمير.. فلم تكن مجرد لص أعراض أو متتبعا للعورات.. بل خنت الأمانة ومضيتَ وراءَ شيطانِ الإنسِ قبل شيطان الجن. اقرأ معي قول النبي صلى الله عليه وسلم “يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوْراتهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورة أخيه المسلم، تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته” لتدرك عظيم جرمك وفداحة أمرك إلا إذا بادرت بالتوبة وندمت على مافعلت أشد الندم وعزمت على ألا تعود لهذه النقيصة والفعلة الدنيئة. تب ياصديقي إلى الله تعالى توبة نصوحا.. واسأله أن يقبل توبتك ويغسل حوبتك ويعف عنك.. وابك على خطيئتك وتقرب إلى الله بالصلاة والذكر والتسبيح والصدقة. خالف مديرك فيما يفعل وانته عما تقوم به واعص أمره فيما يخالف الدين والأخلاق والقيم.. واطلب منه أن يزيل هذه الكاميرا أو تبلغ الشرطة بالأمر أو تخبر مالكي الفندق بما يحدث.. ولا يكفيك أن تمتنع عن هذا الجرم بل امنعه منه حتى لو كلفك الأمر أن تترك عملك كما تعتقد وتخشى فإن من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه ولن تعدم العمل فالرزق سيأتيك من حيث يريد الله تعالى وبأمره وحده فاطلبه حيث لا إثم ولا مغرم.
واعلم أن توبتك قارب النجاة مهما بلغ ذنبك ومهما كان جرمك.. وعاهد الله تعالى ألا تخالف ضميرك مرة أخرى وألا تتجاهل صوته عندما يتردد داخلك طالبا منك أن تعدل مسارك.. فمن مات ضميره مات وهو على قيد الحياة.
[/box]

عن Nas News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *