الأربعاء - 8 مايو 2024 - 1:46 صباحًا
الرئيسية / تحقيقات وحوارات / الحاج محمد عبدالعليم عضو لجنة المصالحات في حوار صريح وجرئ لـ “المنيا اليوم”: حضرت وأنهيت 5000 مشكلة في 30 سنة

الحاج محمد عبدالعليم عضو لجنة المصالحات في حوار صريح وجرئ لـ “المنيا اليوم”: حضرت وأنهيت 5000 مشكلة في 30 سنة

الحاج محمد عبدالعليم عضو لجنة المصالحات في حوار صريح وجرئ لـ “المنيا اليوم”: حضرت وأنهيت 5000 مشكلة في 30 سنة

والدي سبقني في هذا المجال.. وفي أول جلسة صلح لم أستطع الكلام من الهيبة

انبهرت بشخصية الشيخ فتحي صديق وأنا في الإعدادية.. فمرت الأيام وأصبحت زميله في اللجنة

حرامية وشيوخ منصر دخلوا مجال المصالحات.. رغبة في الظهور ولقب عضو اللجنة

3 أشياء محرمة علينا لا نحكم فيها ولا نحضرها.. السلاح والمخدرات والآثار

تدخلنا في 200 مشكلة خلال السنة ونصف الماضية في ملوي فقط.. منها 45 خصومة ثأرية

نحل النزاع في يومين على أكثر تقدير بعكس المحاكم التي تستمر فيها القضايا سنين.. وأطول مشكلة استغرقت 3 شهور بسبب كثرة الأطراف

لدينا دراية بتقسيم الميراث ونستعين بالمتخصصين لو لزم الأمر.. ونحكتم للشرع والقانون والعرف

علمتني التجربة أن الصادقين قليلون للغاية.. لكن لا يستطيع أحد أن يخدعني.. والسر في نصيحة الشيخ فتحي صديق  

في أسيوط لا يقبلون الدية خوفا من المعايرة.. والبديل تغريب القاتل وأسرته مدى الحياة

المحكوم عليه بالتغريب إذا مات لا يدفن في بلده.. إلا بإذن أهل القتيل

رفعنا قيمة الدية إلى 1.5 مليون جنيه بعد غلاء الأسعار.. فلا يعقل أن ترتفع قيمة الطماطم وبني آدم لا

قرار اللجنة ملزم والشرطة تضمن التنفيذ.. والضمانات إيصالات أمانة وعقود رسمية

لو أهملنا الشرط الجزائي في حل الخصومات “الناس هتموت بعض”.. ولو خفضنا مبلغ الدية “اللي معاه فلوس هيقتل من غير  قلق أو خوف”

حامل الكفن “مايشيلش سلاح” في حياته ولا يشهد على أحد فهو في حكم الميت

عندما أسوق شخصا يحمل كفنه لصاحب الحق يكاد يسقط من يدي.. كأنه ذاهب للإعدام

 بعد جلسة حمل الكفن أمكث يوما أو اثنين “تعبان نفسيا”.. فالموقف صعب للغاية

حامل الكفن بطل.. لأنه ينقذ الأرواح من سلسال الدم.. ويضحي بنفسه من أجل الأجيال الصاعدة

البعض يعتقد أنه ليكون عضو لجنة مصالحات “كل اللي عليه يفصل كام جلابية ويشتري عباية وشال حلو “

لا نقاطع من يتحدث.. وننقي الغلط من الكلام.. ولا ننسى التفاصيل

الشيخ فتحي صديق أفضل محكم على مستوى الصعيد ومعه محو أمية.. العبرة بالحكمة والخبرة وقوة الشخصية

أغلب المشاكل سببها تافه “وكلام فاضي”.. حتى قضايا الثأر

الزوجة المسئولة عن الطلاق في الغالب.. وتعامل أهلها مع الأمر يؤدي للانفصال  

أجرى الحوار: رئيس التحرير

للصلح بين المتخاصمين أجر كبير وثواب عظيم عند الله تعالى.. فهو يحقن الدماء ويشفي الصدور  ويبعث على المحبة والود وينهي الكراهية والأحقاد فيعيش الناس في سلام وأمان بعد أن كانوا على حافة الحرب والدمار.

وعلى مدار مايزيد عن 30 عاما وهب الحاج محمد عبدالعليم عضو لجنة المصالحات العرفية بالمنيا وقته وجهده لإصلاح ذات البين.. يسعى جاهدا لمنع النزاعات ووأد المشاكل في مهدها وإطفاء نار الخلافات قبل أن تحرق الأخضر واليابس مستعينا بالله مع إخوانه من أعضاء اللجنة لأداء هذه المهمة التي يحبها الله ورسوله على أكمل وجه ليس فقط في ملوي أو المنيا بل في أي مكان على مستوى الجمهورية.

الحاج محمد عبدالعليم مقيم في بندر ملوي ومحل ميلاده قرية جلال الشرقية بمركز ملوي محافظة المنيا عمل محاسبا في الإدارة التعليمية بملوي ووكيلا لمجلس محلي المركز .

يعمل في مجال المصالحات من عام 1990 أي منذ حوالي 32 عاما وحاليا يكرس جهده ووقته للمصالحات وهو عضو لجنة مصالحات محافظة المنيا ومركز ملوي وأيضا عضو لجنة مصالحات القبائل المصرية والعربية.

“المنيا اليوم” التقت الحاج محمد عبدالعليم وتحدثت معه في كل ما يخص اللجنة وعملها وقواعدها وما يمر به ويواجهه خلال رحلة حل المشاكل والعديد من النقاط المهمة.. فكان هذا الحوار الذي يتسم بالصراحة.. والجرأة.

  •  ماهي لجنة المصالحات العرفية.. ومتى بدأت وما دورها في المجتمع ؟

  •  أساسا العرف كان موجودا في الجاهلية قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين” وكان العرب القدامى يحتكمون للعرف أيضا حيث لم تكن هناك قوانين إلى أن صدر القانون السماوي وهو الشريعة الإسلامية التي نحكم بها ونحتكم إليها الآن من أيام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة.

والأحكام العرفية هو ما تعارف عليه الناس وأصبح شيئا سائدا بين البلاد بعضها البعض بل إن القانون المصري يوجد به باب كامل يتحدث عن الأحكام العرفية لأن القانون اشتق من العرف.. هناك تحكيم أيضا بين الدول في معاملات تجارية وخصومات أيضا بل في كل شئ.. أي أن العرف ليس على مقدار قرية أو محافظة أو دولة ولكنه بين الدول نفسها لكن له شروط وأسس وقوانين.

و دور لجنة المحكمين يتمثل في أن تسمع من الطرفين ثم تحكم وفق العرف والشرع والقانون أيضا وبم لا يخالف كل هؤلاء مجتمعين.

الحاج محمد عبدالعليم مع رئيس التحرير الكاتب الصحفي عادل موسى

 

البداية

  • متى بدأت لجان المصالحات؟

  • بدأت منذ زمن طويل من جدود الجدود.

  • متى تم اعتمادها كعمل مساند للقانون؟

  • منذ بداية العمل بالقانون وهي مادة في القانون قائمة بذاتها.. حيث ينص القانون على إنشاء لجنة مصالحات بشروطها وطبيعة عملهاوما يتعلق بالعرف.

  • ماهي الشروط الواجب توافرها في عضو لجنة المصالحات؟

  • أن يكون ثقة وعلى علم ودراية بقدر الإمكان بالسنة والشريعة الإسلامية ولو هناك أمر قانوني يحتاج لمتخصص فنستدعي متخصصا للحضور معنا يسمع ويدلي برأيه ويمضي على أقواله أو على الحكم الذي سيمدنا به.. ولو تتطلب الأمر مهندسا نستعين بمهندس أو غيره وهكذا في جميع التخصصات.

الحاج محمد يتحدث مع أحد الشهود في جلسة صلح

الأساس

  • كنت في وظيفة لها حيثية وتختلط بالناس ولك علاقات واسعة مع الناس من مختلف التخصصات لكن هناك لجان للمصالحات لا يوجد بها أعضاء لديهم هذه الخبرة والتواجد والاحتكاك بالآخرين.. بل قد يكون عضوا في اللجنة لمجرد أنه شخص ظاهر في البلد فيدخل اللجنة من باب الوجاهة وليس لديه ثقافة أو لباقة مثل ما لديك.. فعلى أي أساس يدخل مثل هذا الشخص اللجنة؟

  • بالنسبة لي أحببت هذا الأمر منذ دراستي الإعدادية.. فكنت أسمع عن عمي الشيخ فتحي صديق حزين وهو من كفر خزام مركز ديرمواس محافظة المنيا.. كنت أسمع عنه وعما يعمله وأقسم بالله كنت وأنا أصلي أدعو الله تعالى أن أكون مثل عمي الشيخ فتحي فاستجاب الله لي وضمني للجنة.. وقد سبقني والدي أيضا في هذا المجال.. فالشيخ فتحي أستاذي ومثلي الأعلى وهو شيخ تحكيم الصعيد بالكامل.. وبدأت قصتي معه أثناء مشكلة لنا مع أعمامي فجاء للتحكيم بيننا وجلست معهم فلما رآني وسمع كلامي ووجهة نظري قال لي: هل عندك استعداد تكون معي في اللجنة؟ قلت له على الفور: في أي وقت لو حتى سأترك عملي ومرتبي ومصالحي فأنا أتمنى هذا الأمر من زمان.. وأول مرة خرجت معه كان في بداية التسعينيات وكان أول صلح أحضره في المعصرة التابعة لمركز الفتح محافظة أسيوط.. وكانت أول مرة أجلس وسط الناس في مثل هذه الجلسات.. ويومها استمعت فقط ولم أستطع الكلام بسبب الهيبة.. لكن كنت أهمس لعمي الشيخ فتحي في أذنه بأن حل هذا الأمر في كذا وكذا فكان يصدق على كلامي ويشجعني.

لكن كلمة حق أقولها.. هناك ناس تدخل المصالحات بظهرها .. ناس تبحث عن الظهور.. ناس تريد التصوير.. ناس تسعى للقب عضو لجنة المصالحات.. وعندنا ناس – مع احترامي للجميع – اللي بيسرق يريد أن يكون عضو ا في لجنة المصالحات .. واللي شيخ منصر يريد أن يكون عضو لجنة المصالحات.. القاتل يريد أن يكون عضو لجن مصالحات.. لكن هناك بعض الناس المتنازعة لو لم تذهب لها هذه النوعيات لا تريد الصلح وهذا من الأشياء الغربية.. فلو هناك شخص ذو نفوذ وسمعته أنه سرق أو ضرب أو ذو سلطان أو ذو هيبة عندما يذهب لهم يوافقون على الصلح.. قد يكون خوفا أو تحسبا لغضبه.. ونكون ذهبنا لهم مرة واثنين ولم يوافقوا على الصلح.. لكن في النهاية كل ما يهمنا أن ينتهي الأمر بالصلح.

في بداية حضور إحدى جلسات الصلح بالمنيا
  • من المسئول عن إدخال عضو جديد للجنة؟

  • الحقيقة كنا ثلاثة أفراد.. عم الشيخ فتحي صديق والشيخ حسين عبدالمطلب التهامي عمدة خزام وأنا .. كنا نحن الثلاثة نتحرك في المنيا وأسيوط ويوميا بلا استثناء.. فقلنا نحن نحتاج إلى صف ثان تحسبا لأي ظرف يصيب أحدنا أو تعب مفاجئ أو ظرف طارئ مثلا فاستدعيت أولا عم الحاج فتحي راتب ثم جاء عم اسماعيل حسونة ثم الشيخ سامح وكان هذا باختيارنا نحن فكنا نبحث عن الشخص المناسب الذي ينفع معنا ومن يسمح وقتهم بهذا العمل مع الوضع في الاعتبار أن تكون الشخصية محترمة..  وهكذا تكون الصف الثاني.. وكان أيضا الحاج مصطفى الكاشف ثم الأستاذ هاني عيسى من بني خالد الذي أحضر لنا الأستاذ محمد أبو الناظر ثم الأستاذ شريف مكرم.. ونحن حاليا  7 أفراد في ملوي لكن ثلاثة فقط هم الذين يتحركون في كل مكان هم أنا والحاج اسماعيل حسونة والحاج مصطفى الكاشف لكن باقي إخواننا يحضرون معنا في ملوي فقط نظرا لظروفهم… ثم يتركون لنا أي شئ خارج ملوي.

عدد الأعضاء

  • هل هناك حد معين لعدد أعضاء اللجنة؟

  • لا يوجد حد معين لكن المهم أن يكون العدد فرديا ليكون هناك مرجح لو تساوى الرأيان.. ونحن حاليا سبعة أفراد ونريد أن نضم عددا آخر فمثلا نريد عددا من اللجنة في أسيوط وعدد آخر في بني سويف وعدد في ملوي على سبيل المثال.

  • هل تخطرون الشرطة بأمر اللجنة وأعضائها؟

  • طبعا مركز الشرطة عنده خبر ومدير الأمن أيضا.

  • هل لهم حق الموافقة على العضو أو رفضه؟

  • اختيار الأعضاء منبعه الأساسي اللجنة.. لأننا الذين نختارهم وفق معاصرتنا ومعايشتنا لهم ومعرفتهم عن قرب.

  • هل تلبون أي دعوة للصلح أم هناك حالات ترفضون التدخل فيها أو الاستجابة لأصحابها؟

  • هناك ثلاثة أشياء محرمة علينا لا نحضرها أبدا.. أي قضية أو نزاع بخصوص سلاح أو مخدرات أو آثار.

على المنصة مع أعضاء اللجنة وضباط الشرطة في جلسة صلح

دعوة

  • هل هناك أي شروط لتدخلوا في صلح ما ؟

  • الحقيقة كل مصالحات أسيوط وسوهاج والبلاد التي تقع خارج المنيا لا نكون على علم بموضوع جلسة الصلح قبل الذهاب.. فنحن نتلقى مثلا دعوة من محكمين هناك أو مسئولين يتصلون بنا ويخبروننا بأن لديهم موضوعا يحتاج لجلسة فننظر في جدولنا ونحدد لهم موعدا نتفق عليه ونذهب وهناك نسمع القصة في الجلسة دون علم مسبق بموضوعها أو طبيعتها مع العلم أن المحاذير الثلاثة التي لا نحضر فيها معروفة هناك أيضا.. وتكون النزاعات هناك في الغالب نزاعات ثأرية أو إصابات في معركة أو شجار أو خلاف على ميراث أو تقسيم أو خلافات أسرية بين رجل وزوجته أو عائلتين بينهما مصاهرة أو ماشابه ذلك.

  • هل هناك أمور تتدخل فيها بنفسك دون دعوة؟

  • نعم لو علمت بخلافات مثلا في منطقة قريبة أو بين جيران أذهب من نفسي دون دعوة وأتدخل للحل والصلح.. ولو في أي بلد نسمع عن مشكلة ملحة نلم بعضنا ونذهب كلجنة ونجلس مع الطرفين.. وكلمة حق فنحن تدخلنا في حوالي 45 خصومة ثأرية في مركز ومدينة ملوي فقط خلال العام ونصف الماضية.. وكان عدد المتخاصمين فيها 68 فردا إضافة لحوالي 155 خصومة عادية مثل إصابات أو ضرب أو مشاكل أسرية أو خلافات فيكون المجموع 200 مشكلة في حوالي عام ونصف.. ولا أنسى دور ضباط الشرطة فقد ساعدونا في الوصول لأطراف المشاكل وإحضارهم حتى نجلس معهم ونتفاوض معهم للحل.. وأخص بالذكر المقدم علاء جلال حينما كان رئيس مباحث ملوي وحاليا رئيس فرع البحث الجنائي ولا أقول هذا رياء بل هو حقه.. وحاليا معنا المقدم محمد بكر رئيس المباحث الحالي الذي لا يتأخر في تقديم المساعدة ووكلاء الفرع والمأمور والهدف احتواء المشاكل من منبعها وعدم تصعيد الأمور بين الناس ومحاصرة أي بداية للجريمة في مهدها وأيضا المحاكم مليئة بالقضايا وليست في حاجة لقضايا جديدة يتم وضعها في قائمة الانتظار ففي بعض الأحيان مثلا تجد “رول” المحكمة فيه مئات القضايا يوميا فتأخذ القضية شهورا وربما سنين حتى يتم الحكم فيها لكن في التحكيم العرفي فالقضية لا تأخذ سوى يومين بفضل الله ويتم حلها.

يلقن القسم لأحد الشهود في جلسة صلح

أطول قضية

  • ما هي أطول قضية استغرقت وقتا حتى تم حلها؟

  • أطول وقت أخذناه في قضية كان ثلاثة أشهر وكانت في أسيوط.. وكانت عبارة عن تقسيم حوالي 80 فدانا على ورثة مسيحيين في بلد تابعة لمركز الفتح.. وقسمنا وفق الشرع.. واستغرقت هذا الوقت لأننا كنا نعاين الأرض على الطبيعة ونحصرها بالأوراق الثبوتية إضافة لكثرة الأطراف المستحقة وعدم تواجدهم في مكان واحد فبعضهم كان في أسيوط وبعضهم كان في القاهرة.. ولأننا كنا نسمع أقوال الجميع فاستغرق الأمر وقتا طويلا وهذا شئ نادر في مشوار اللجنة حيث كما قلت لا تأخذ القضية أكثر من يومين في المعتاد.

وأذكر أيضا أن هناك مشكلة من عام 2019 لم يتم حلها حتى الآن وهي عبارة عن تقسيم أرض بين أطراف عديدة حوالى عشرة أشخاص بينهم إخوة بنين وبنات وذلك لتعقيد بعض الأمور وتشابك الأطراف الأمر الذي جعلنا نتركها فهي بهذا لا تندرج تحت المشاكل العادية التي نتعامل فيها.

  • هل في قضايا الميراث تأخذون رأي أحد المشايخ في الأزهر أو دار الإفتاء مثلا؟

  • التقسيم الشرعي معروف ونحن والحمد لله لدينا دراية بالأمر لكن لو تعثرنا في مشكلة وصعبت علينا أو تعسرت نلجأ للمختصين ونستفتيهم في الأمر ليكون الحكم عادلا ومنصفا ووفقا لشرع الله تعالى.

في صورة تذكارية مع أعضاء اللجنة

قواعد ومبادئ

  • ما هي القواعد والمبادئ التي تعتمد عليها اللجنة في التحكيم؟

  • أولا.. نادر جدا عندما تجد طرفا يحكي لك الصدق لكن كما قال عم الشيخ فتحي “الله يعطيه الصحة” “لما يقعد قدامك شخص يحكي بص في عينيه هتعرف ان كان صادق والا بيكدب”.. وبعدها نفرز الكلام فنضع الكدب جانبا ونعرف الحقيقة وبعدها نحضر الشهود ثم نحلف على كتاب الله ونعاين على الطبيعة.. وكلمة حق.. أي رجل في لجنة المصالحات تكون نيته لله وخالصة لن يضحك عليه أحد أو يخدعه بأي كلام.

وفي النهاية نحن نحتكم للشريعة والقانون والعرف.. ولو كان هناك مشكلة تم الحكم فيها من خلال المحكمة نحترم حكمها.

لكن هناك عرف سائد على مستوى الجمهورية في قضايا القتل.. ففي أسيوط لا يقبلون الدية ولو كان صاحب الحق فقيرا معدما فهم يستعيبونها فقد قيل أن أحدهم أخذ دية في قضية قتل ثم بعث ابنه يشتري شيئا من الدكان فقال له البائع “هو ابوك خلص الدية؟” فما كان من الرجل إلا أنه أرجع الدية وقتل رجلا من العائلة الثانية ومن وقتها ولا يقبلون الدية في أسيوط خوفا من “المعايرة”.. فالعرف قضى بالحكم على القاتل بالتغريب خارج المحافظة مدى الحياة هو وأولاده فيبيع أملاكه ويذهب ليعيش في أي محافظة أخرى.. وهناك أحكام بالتغريب 10 سنوات وأخرى بالتغريب 15 سنة ونأخذ ضمانات مالية عليه لضمان تنفيذ حكم التغريب ولو رفض فإن الشرطة تنفذ الحكم بالقوة.

 أيضا من ضمن العرف أن المحكوم عليه بالتغريب لو مات في الغربة لا يدفن في بلده ولهم أن يستأذنوا أصحاب الحق بأن فلانا مات فهل ندفنه في البلد؟ فإن أذنوا له يدفن وإن لم يأذنوا لا يدفن في بلده.. والحكم بتغريب المقتول يكون بعد تنازل أهل القتيل عن القضايا حيث إنهم رضوا بتغريبه فيذهبون للعدول عن أقوالهم فيخرج من السجن أو تنتهي القضية وينفذ حكم التغريب.

العرف الثاني في قضايا القتل قيمة الدية فقد كانت مليون و220 ألف جنيه حتى  أول يناير 2022 وحاليا نقترح أن تكون مليون ونصف لغلاء الأسعار فليس من العدل أن تكون الطماطم نفسها زاد سعرها ولايزيد سعر بني آدم وأيضا لمزيد من الردع.

ويكون الحكم حسب رغبة أهل المجني عليه.. فلهم أن يختاروا بين  الدية أو التغريب أو أن يحمل القاتل كفنه أو أن يسامحوا لوجه الله فننفذ لهم طلبهم ليكون مرضيين.

 

قرار ملزم

  • هل قرار اللجنة يكون ملزما؟

  • نعم يكون ملزما وهناك ضمانات على الطرفين منها عقود مالية وإيصالات أمانة أو شيكات بنكية على الطرفين وبرضاهما ويتم الاتفاق على أن يكون الورق أمانة لدى شخص معين يتم الاتفاق عليه ويتم اللجوء له عند تعدي أحد الطرفين على الآخر فيتم تطبيق الشرط الجزائي عليه.. ولهذا تجد الناس تعيش في أمان بعد التحكيم وتنتهي الصراعات والمشاكل.. فلو تم إهمال الشرط الجزائي في حل الخصومات “الناس هتموت بعض”.. ولو خفضنا مبلغ الدية فمن سيكون معه مال يقتل دون قلق أو خوف فعندما يزيد المبلغ من يفكر في القتل يخاف من العاقبة وينتهي المثل القائل “اللي تعرف ديته اقتله” فعندما يكون المبلغ كبيرا وليس في المتناول يفكر القاتل كثيرا قبل أن يقدم على فعلته.

وأود هنا أن أقول شيئا.. يصادفني بعض المشايخ يقولون لي حمل الكفن لأهل المقتول لم يرد في القرآن الكريم أو السنة المشرفة.. وأنا أقول لهم إنه من قبيل العرف الذي تعارف عليه أجدادنا حتى يوصلوا أهل المجني عليه لدرجة العفو فنصل إلى درجة الإحسان التي يحبها الله تعالى في قوله تعالىى ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” وهذا هو سبب التعارف على حمل الكفن.. فحامل الكفن عليه شروط قاسية أيضا فمثلا في العرف حامل الكفن لا يحمل سلاحا في حياته ولا يشهد على أحد فهو في حكم الميت.. ولو كانت عائلة أخرى في شجار وذهبت لتضرب أهل العائلة المنافسة ووجدت بنهم شخصا حمل كفنه من قبل لن تضربه أو العرف يمنعها من ضربه فهو ميت ولو ضربوه لا يحسب لأنه في حكم الميت فحمل الكفن  ليس سهلا.. وأقسم بالله أنا عندما أسوق شخصا يحمل كفنه وأقدمه لصاحب الحق كلما اقترب منه يسقط من يدي كأنه ذاهب للإعدام فهو ذل ما بعده ذل وأسأل الله تعالى ألا يقدر هذا الموقف على أحد.

وأنا بعد جلسة حمل الكفن أمكث يوما أو اثنين “تعبان نفسيا” فالموقف صعب للغاية.. لكنني أعتبر من يحمل الكفن بطلا فهو بفعلته هذه ينقذ أرواحا كانت سوف يتم حصدها في سلسال الدم.. بل إنه ينقذ عائلات وأجيالا صاعدة.. فهو يضحي بنفسه من أجل الآخرين.

 

 

حامل الكفن

  • من يختار حامل الكفن.. أنتم أم أصحاب الحق؟

  • الحقيقة المفروض القاتل هو من يحمل الكفن لكن إن كان في السجن فإن الطرف الثاني هم من يختار وعادة ينتقون أفضل شخص في عائلة القاتل فهم إذا اختاروا شخصا يقتلونه لأخذ الثأر فسيختاون أفضل شخص في عائلة القاتل.

العفو أو الصلح

  • ونحن بصدد الحديث عن قضايا الثأر.. ماذا تقول لمن يأخذون ثأرهم بتوحش وعنف مبالغ فيه بعيدا عن القصاص فيقتل في المقتول خمسة أو ستة أشخاص مثلا؟

  • ربنا عز وجل قال في كتابه العزيز “السن بالسن” فلو قتل يقتل واحدا وإن عفا فهذا أفضل.. فلو قتل سوف يتم قتله وهكذا واحدا بعد آخر ولن ينتهي الأمر.. ولن يقف الدم إلا بالعفو أو الصلح.. وأقسم بالله لقد رأيت ناسا يستطيعون فعل الكثير ويقدرون على القتل ولهم دم لكنهم عفوا ويسعون للصلح ويطلبون منا السعي للصلح.. وهم ناس يرغبون في العيش بسلام وهم أقوى الأقوياء.. ثم إن الله تعالى لن يترك الحقوق تضيع يوم الحساب.. إلا الظلم.

وهناك ناس غلابة لا تستطيع أخذ حقها فترفع أمرها لله تعالى وهو خير من يقتص لهم.. ونحن من جانبنا نأخذ لهم حقهم في جلسات الصلح والحق.. وأحيانا يتفق الطرفان سويا فلو اتفقوا على شئ معين بما لا يخالف شرع الله أو القانون أو العرف نقره لهم.. فمثلا هناك من يستقوي على الآخرين ويريد منه حمل كفنه لأنه ضربه بالعصا مثلا.. هنا نحن نرفض هذا الاتفاق لأن حمل الكفن يكون فيمن تم قتله وتم دفنه تحت التراب فقط وغير ذلك لا.. فلو اتفقوا هم على ذلك ننسحب نحن تماما ونتركهم.

 

  • ما هي الأطراف الرسمية التي تتعاون معها اللجنة؟

  • بنود الصلح خمسة أشياء هي:

 موافقة أطراف النزاع على جلسة الصلح ثم موافقتهم على لجنة التحكيم فلو رفضوا شخصا لا يحكم ويكون عدد الأعضاء في اللجنة فرديا بحيث يكون العدد الفردي هو المرجح للرأي لو تساوى الأطراف في رأيين مثلا.. بعد ذلك موافقة الجهات الأمنية على جلسة إتمام الصلح في الخصومات الكبيرة وعلى مكان الصلح وزمانه ليرسل التأمين اللازم.. ثم تحديد الزمان والمكان.

  • ماذا يفعل من يريد الانضمام للجنة؟

  • من يريد الانضمام للجنة يتصل بي أو بأحد من الأعضاء فنجلس سويا ونأخذ الآراء حوله فإذا لم نكن نعرفه بالقدر الكافي نسأل عنه فإذا أجمعنا عليه نضمه للجنة وإذا رفضناه أو تباينت الآراء حوله ووجدنا انضمامه لن يفيد أو سيضر نرفض انضمامه.. وهناك أشخاص في أماكن عديدة يجتمعون ويقررون تكوين لجنة صلح صغيرة ويسعون في الصلح والخير بعيدا عنا وعن دائرة عملنا أو في نطاق صغير.

ونحن نتمنى أن تتكون لجنة في كل قرية لحل مشاكلها وعندما تتعسر لديها الأمور أو تتوقف يرسلون إلينا لنساعدهم ولن نتأخر أبدا.. المهم تنتهي المنازعات.

وهناك أمر مضحك فالبعض يعتقد أنه ليكون عضو لجنة مصالحات ما عليه سوى تفصيل 4 “جلبيات” وشراء “عباية” وشال حلو وينتهي الأمر ويكون بذلك عضو لجنة.. وأنا أقول لهم الأمر ليس بالمظهر فوالله لقد رأيت أعضاء في لجنة المصالحات أقول إنهم “أسيادي” هدومهم بسيطة ومتواضعة لكن عقولهم كبيرة وحكمتهم واضحة وكلمتهم نافذة.. فالأمر بالخبرة والحنكة والمعلومة ولايهم المظهر رغم أنه مطلوب أيضا.

ومن ضمن الحكمة ما قاله لي “عم الشيخ فتحي” اسمع ولا تقاطع أحدا فنحن “ننقي الغلط من الكلام” فأنت عندما تقاطع شخصا يتحدث إليك تنبهه إلى أنه يغلط.. “سيبه يتكلم للآخر لكن افتكر كويس كل الغلط بتاعه ولما يخلص واجهه بيه” الموضوع فن وحكمة وخبرة وأمانة قبل كل شئ.. وأنا أتعلم حتى الآن وأضيف لخبرتي في التعامل مع المواقف والناس.

 

الشيخ فتحي.. أفضل محكم

  • هل يشترط حد معين من التعليم في عضو اللجنة؟

  • لا يشترط أبدا.. فالشيخ فتحي معه شهادة “محو أمية” من عام 1958 لكنه أفضل محكم على مستوى الصعيد.. وأقول إنه “أنضف مسجل” على مستوى العالم.. فأنت تجلس معه 3 ساعات تحكي وهو منصت تماما لا يقاطعك بالمرة وبعدها يكون على استعداد لأن يعيد لك ما قلته بالكامل.

لكن لو  كان هناك قدر من التعليم فهذا أفضل بالطبع خاصة في الدين والشريعة.

عضو منحرف

  • لو ثبت لأعضاء اللجنة وجود عضو منحرف أو بدأ يظهر عليه الانحراف أو انحاز لطرف من طرفي الصلح وتلقى منهم أموالا نظير الوقوف معهم أو الحكم لهم.. فماذا تفعلون؟

  • لو ثبت لنا انحراف عضو أو خروجه عن شرف اللجنة ومبادئها نفعل شيئين: إما أن نقول له لا تحضر معنا مرة ثانية أو لو سمعنا عن وجودك في لجنة أخرى لن نجتمع معها أو لو علمنا وجودك في مكان لن نتواجد فيه.. أو إما نكون نحن أغلبية فيكون رأينا هو الغالب ولا اعتبار لرأيه كأنه غير موجود.. وقد حصل هذا بالفعل فكنا نحكم في قضية هنا و حكمنا على طرف من الجانبين بغرامة مثلا 100 ألف جنيه وبعضنا قال 150 ألفا فعندما نجد شخصا يقول نحكم مثلا بخمسة جنيه فلابد أنه متواطئ..وكان هناك موقف آخر في حلوان حيث أحضروا 3 محكمين من الاسماعيلية مشايخ عرب بعقال وجاكت وحكموا على جماعة كانوا من جلدة لكنهم مقيمين هناك باتنين مليون جنيه في معركة وشجار.. وأنا أعلم أن هؤلاء يأخذون أموالا من الحكم ويطلقون على الأمر “شغل” في الجيزة والاسماعيلية فيقول لصاحب الحق ” آخد منك 10 في المية من قيمة الحق اللي هيطلعلك” فكلما زاد المبلغ يكون نصيبه أزيد.. فكنا نحن 3 أفراد وهم 3 أفراد وهناك سابع مرجح.. فنحن حكمنا بحق قدره 150 ألف جنيه وهم طلبوا 2 مليون جنيه لأنهم سيأخذون نسبة من المال.. فما كان منا إلا أن انسحبنا بهدوء فالفرق كبير بين المبلغين فقلنا لهم تشرفنا بكم ونلتقى على خير ولكم أن تحضروا محكمين غيرنا ثم هممنا بالنصراف لكنهم خافوا أن تنتهي الجلسة دون اتفاق ويصعب تحديد جلسة أخرى وبالتالي تضيع عليهم نسبة المال فقالوا لنا ما رأيكم فقلت الحق 100 ألف جنيه لا غير وتم التفاوض في الأمر فوصلنا إلى 200 ألف جنيه وانتهى الأمر وطبعا كان نصيبهم 20 ألف جنيه من الـــــ 200 ألف فرضوا بها “أحسن من مفيش”.

  • هل حصل أن تدخلتم في مشاكل ولم يتم الحل؟

  • كثيرا.

  • وما السبب؟

  • يكون بسبب التعنت من أحد الأطراف أو من الطرفين معا فلا تفلح معهم محاولات الصلح وينتهي بهم الأمر أمام المحاكم.

  • ما هو أكثر نوع من المشاكل تواجهونها هنا في المنيا؟

  • الخناقات.. ثم الأراضي الصحراوية “وضع اليد”.. لكن في أسيوط 75% من المشاكل بسبب الثأر.. لكن هنا الأمر خف كثيرا فنسبتها في المنيا حوالي 5% والحمد لله تعالى خاصة في ملوي.

 

نسبة الطلاق

  • من المعروف ارتفاع نسبة الطلاق في مصر عامة فهل لمستم ذلك في المنيا؟

  • الأمر ملموس طبعا هنا أيضا.. ويكون السبب على أشياء تافهة “وكلام فاضي”.. حتى مشاكل الثأر نفسها يكون سببها بسيط وتافه في كثير من الأحيان.. وقد حضرت جلسة رسمية بين نقيب محاميي المنيا ونقيب محاميي بني سويف وعائلة من بني سويف وعائلة من ملوي وكان السبب “قطة” وانتقلنا من هنا لبني سويف وجلسنا وحكمنا بغرامة حوالي 56 ألف جنيه.. وكانت المشكلة بين شباب جامعي بسبب هذه القطة..

مع احترامي للجميع كل المشاكل سببها كلام فارغ.. وفي مشاكل الحياة الزوجية يكون سبب الانفصال والطلاق أكثر من المرأة أو الزوجة فما لمسته أن الرجل يريد أن يعيش أيا كان.. فالرجل تزوج مرة وقد لا يستطيع الزواج مرة أخرى لاعتبارات كثيرة “فبيكون عايز يعيش” أما الزوجة فتكون طلباتها كثيرة حتى تعيش بعد الخلاف وتحاول أن تفرض على الزوج  أشياء فوق طاقته توصله للطلاق.. والمشكلة أن أهل الوزجة يؤيدونها في الغالب ونادر أن تجد ولي أمر عاقلا يقول لابنته عيشي ولا تهدمي بيتك وحافظي على زوجك وأولادك لكنه يرفع لها قضية فينتقل النزاع للمحاكم وينتهي الأمر وفي الآخر الاتنين “يلطموا”.. الزوجة وأهلها.. لكن هناك بعض الحالات يكون للزوجة حق طبعا فالأمر ليس مطلقا.

أطرف موقف

  • ما هو أطرف موقف مر عليكم في محاولات الصلح؟

  • الحقيقة “احنا عايشين في نكد علطول”.. لكن هناك مواقف تكون فيها قفشات طريفة تثير الضحك.. معنا عضو يدعى الشيخ ابراهيم قفطان سلطان من عرب أبوكريم متعه الله بالصحة ويعتبر أكبر المحكمين سنا وهو رجل عربي وتجلس معك تنسى الهموم.. فمرة قلت له وكان عندي ابني أحمد وكان صغيرا وقتها ” ياعم ابراهيم تركت ابني أحمد صغير وخايف عليه”.. فقال لي “علم ابنك كل حاجة إلا الخوف.. سيبه يتعلمه لوحده”.

وموقف طريف كان يخص عم الشيخ فتحي .. مثلا عندنا قسم نقوله للشاهد لينطقه قبل شهادته.. فمثلا الشاهد نحلفه قسما معينا وبعد انتهاء الصلح نحلف كل الحضور  قسما آخر.. وقسم الشاهد هو “أقسم بالله العظيم وحق القرآن الكريم أقول الحق ولا شئ غير الحق والله على ما أقول شهيد”.. أما قسم الصلح كله فهو “نقسم بالله العظيم اننا اصطلحنا صلح خالص من قلوبنا ولا نعمل على أذى بعض ولا ضرر بعض ونعمل على الخير والمحبة وصلة الأرحام وصلة الجوار والأخوة في الإسلام.. نقسم بالله العظيم ما نسمع وشاية الواشين ولا فتنة الفتانين.. والله على مانقول وكيل.. والله وكتبه ورسله والمؤمنين والحاضرين يشهدوا على هذا القسم.. ومن يخن ينتقم الله منه في ماله وجسده وأولاده.. والله على ما نقول شهيد”.. فعم الشيخ فتحي جه يحلف الشاهد والناس كلها قاعدة فبدل ما يحلفه قسم الشاهد حلفه قسم الصلح لقيناه بيقول للشاهد قول ورايا: “اقسم بالله العظيم ان احنا اصطلحنا” فقلنا له حاسب يا اعم الشيخ وضحكنا كلنا من الموقف.

 

مخاطر الرحلة

  • هل تتعرضون لأخطار أثناء الجلسات أو رحلة حل المشكلة؟

  • أولا.. عم الشيخ فتحي في بداية عملي معه كنا نذهب لأسيوط ونحكم فكان يقول للسائق ونحن ذاهبون ” أول ما نقرأ الحكم تكون بتدور العربية وجاهز.. أول ما نقرا الحكم نركب ونجري”.. وذلك تحسبا لأي غلط من أي طرف حتى لو كان مجرد غضب أو شتيمة أو ما شابه ذلك ونحن لن نتحمل ذلك.. لكن الحمد لله لم يحدث أن تعرضنا لخطر.. لكن هناك من يعترض على الحكم ويغضب وعندها نقول له هذا هو الحق ولو معترض احضر لجنة أخرى.. ولو حدث ذلك تحضر لجنة جديدة بشرط وجود وحضور اللجنة القديمة لأن كلام الشهود يكون مكتوبا وموثقا فنكون حاضرين حتى لا يغير الشهود كلامهم ليتغير الموقف ويتغير الحكم ولو تغير الكلام نقول ونخبر اللجنة الجديدة وهم لهم مطلق الحرية في الحكم.

لكن هناك إجراء نفعله نحن وكل اللجان اسمه “إقرار قبول حكم لجنة تحكيم عرفية” نصه يقول “نقر نحن فلان وفلان وفلان أن نقبل جميع قرارات وأحكام لجنة التحكيم”.. وتكون مكتوبة ويمضي عليها الطرفان برضاهما وطالما مضى المحكوم عليه يقبل الحكم حتى لو كان خروجه من البلد.. بلا نقض ولا استئناف ولا معارضة.

وهناك محضر أساسي للجنة والحمد لله أكتبه أنا منذ حوالي 30 سنة.. وتعلمت كيف أحافظ على الأطراف والمحكمين فلا نقع في خطأ أمام قاضي ولا محامي فهناك محام يقرأ محضر الصلح ويخرج منه أخطاء ينقض به الصلح أمام المحكمة لكنني تعلمت وأتقنت كتابة محضر الصلح بطريقة تحفظ الحقوق ولا تضر  صاحب الحق أو المحكمين.

وعلى مدار 30 سنة حضرت وأنهيت حوالي 5000 مشكلة ولك أن تحسب في كل أسبوع مشكلة أو اتنين مثلا.. والحمد لله تعالى.

 

لوجه الله

  • هل هذا العمل تطوعي أو مدفوع؟

  • هذا العمل نقوم به لوجه الله تعالى.. لكن هناك لجان في بلاد أخرى “يصلح حالها ربنا”.

وأذكر أن الحاج فتحي صديق كان يضع سيارته تحت تصرفنا يوميا وعندما تعطل كان يحضر سيارة على نفقته الخاصة وإذا حاولنا أن ندفع يرفض ويقول “لا.. أنا واهب مالي ونفسي للجنة”.. وهو حاليا تعبان فلا يستطيع الذهاب معنا فأصحاب المشكلة يقولون لنا نبعث لكم سيارة أو تأتون بسيارة وندفع لها فنذهب نحن بسيارة ويحاسبونها هم دون أن نعرف دفعوا كم للسائق.

 ونحن لا دخل لنا بالمال ولا نستلم أي مال من أي طرف لكن نحدد فقط المبلغ المطلوب فيوم الجلسة مثلا نقول لكل طرف يحضر مبلغ من المال ليكن 10 آلاف جنيه على سبيل التأمين ويتم وضعها أمام الجميع أمامنا فمن يتجاوز في حق الآخر يتم تغريمه من مبلغ التأمين في الجلسة نفسها لحفظ الحقوق.. لذلك تجد الجلسة هادئة ومتزنة لا ينطق فيها أحد إلا بحساب.. خاصة أن جلسات الصلح قد تمتد من العاشرة صباحا وحتى الرابعة مساء أو للثانية عشرة مساء ويمكن إكمالها في اليوم التالي.. فلابد من الانضباط والاحترام ليخرج الحكم منصفا وعادلا لأقصى حد ممكن.. والله تعالى الموفق والمرجو من وراء القصد.

عن Nas News

شاهد أيضاً

توريد 452 ألف طن قمح لشون وصوامع المنيا حتى اليوم.. و42 موقعا للتخزين

أكد اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا أن إجمالي ما تم توريده حتى صباح اليوم الأحد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *