بعد ارتفاع معدلات الطلاق في مصر والتي وصلت حسب تصريح اللواء خيرت بركات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى حالة طلاق كل دقيقتين و20 ثانية أصبح الأمر بمثابة السيل الذي يجرف الأسرة المصرية ويهدد المجتمع بالتمزق ويتسبب في العديد من القصص المأساوية التي يكون الضحايا فيها أطفال صغار لا ذنب لهم.
كما أظهرت الإحصائيات الرسمية ازدياد حالات الطلاق بنسبة جعلتها خلال الأعوام القليلة السابقة الأعلى على الإطلاق منذ خمسين عاما مرت على مصر لنصبح أمام ظاهرة خطيرة تتنامى باستمرار لتمثل خطرا داهما على نسيج المجتمع.
أسباب كثيرة عدها المختصون لتنامي الظاهرة منها الاجتماعية والاقتصادية لكنهم لم يغفلوا أن للأقارب دور في كثير من الأحيان في تأجيج نار الخلافات بين الزوجين حتى تلتهم الحياة الزوجية بأكملها فتصبح أثرا بعد عين.
ناقشنا هذا الأمر مع العديد من الأطراف.. في هذا التحقيق.
قال إسماعيل. س. ح مدرس: منذ حوالي عام وقع خلاف بيني وبين زوجتي وذهبت لبيت والدها ولم يكن الخلاف كبيرا لدرجة أنني كنت أنوي بالفعل أن أحضرها للبيت بعد أسبوع أو أقل لكنني فوجئت بها ترفع ضدي دعوى نفقة وتبديد عفش الزوجية إضافة للكلام الذي وصلني حيث أنها تقولت علي كلاما لم يحدث الأمر الذي جعلني أضيق بها وسرعان ما تطور الأمر فطلقتها في غضون شهرين.
أضاف قائلا: مرت شهور كثيرة ولم تنته الخلافات خاصة أنني أنجبت منها ولدا كان بحوزتها ولم أستطع رؤيته لأنهم منعوني منه وحجبوه عني وكان ذلك كله بضغط من أهلها وأقاربها حتى كان يوم قررت فيه أن أكلمها فتحايلت حتى اتصلت بها وكانت مكالمة تعاتبنا فيها وعلمت أنها لم تقل كلاما كثيرا وصلني وأن من فعلوا هذا كله هم أقاربها وفي المكالمة نفسها اتفقنا على الرجوع من أجل أن ينشأ ابننا بيننا وبعدها قصدت رجلا طيبا وفقه الله تعالى لأن يجمع بيننا وجاهد كثيرا مع أقاربها حتى تزوجتها مرة أخرى وعلمنا من وقتها أن تدخل الآخرين في حياتنا ساعد على تفاقم الأمر واتفقنا على أن نتدبر شئوننا بأنفسنا حتى لو نشب خلاف بيننا نعالجه نحن دون غيرنا حتى لو كانوا أقاربنا.
تابع قائلا: هناك حالات كثيرة أعلمها كان الأقارب فيها هم سبب الخلاف أو سبب نشوب الخلاف بين الزوجين ووصوله إلى الطلاق ولهذا أدعو الأقارب ألا يتدخلوا إلا بالخير ولا يأخذهم الغرور والكراهية إلى حد أن يهدموا أسرة بها أطفال لا ذنب لهم.. كما أدعو الزوجين المختلفين لأي سبب إلى أن يعقدوا حوارا بينهما لا يتدخل فيه أحد يحكموا فيه العقل حتى لا تنهدم الأسر.
قال سيد عبدالنعيم أخصائي اجتماعي: لم تعد كثرة حالات الطلاق تشكل استغرابا لدى الجميع تقريبا فلا يوجد شخص إلا ويعرف له جارا أو قريبا مر بتجربة الطلاق وانفصل عن زوجته وربما له منها أبناء بسبب مشاكل عائلية أو اقتصادية أو عدم توافق وفي بعض الأحيان بسبب أمور تتعلق بالشرف والعفة.
تابع قائلا: هناك حالات طلاق كثيرة تسبب فيها الأهل والأقارب من الطرفين سواء الرجل أو المرأة نتجت عن تدخل أقارب الاثنين في الأمور لمحاولة معالجتها أو بقصد وتعمد التفرقة بين الطرفين فتتفاقم الأمور وتتصدر المشاكل حتى تستعصي على الحل.
أوضح أن هناك حالات كثيرة كان سبب الخلاف فيها بسيطا للغاية ولو تم علاجه من قبل الزوجين لكان الرجوع إلى بيت الزوجية مؤكدا لكن تدخل الآخرين حال دون التفاهم وزاد الأمور تعقيدا فنتج عنه الطلاق إضافة لعدم المرونة والتضحية من الجانبين.
أضاف قائلا: هناك أقارب يتعمدون تعميق الخلاف بين الزوجين بسبب الغيرة أو الحسد أو الكراهية فيتقدم الشخص في صورة الناصح الأمين لكنه يبث السم بين الطرفين أو يستعدي أحدهما على الآخر حتى ينتهي الأمر بالطلاق في حالات كثيرة.
قالت أسماء أنور أخصائية اجتماعية: مررت بحالات طلاق كثيرة كان السبب فيها كلام الناس أو الأقارب بمعنى أدق وعندما حاولت علاجها كان الأمر قد تفاقم وصدق كل طرف من الاثنين حديث الآخر عنه رغم أنه حديث منقول ولم يسمعه مباشرة من الطرف الآخر وهذا ما يجعل الوشاية أو النميمة بقصد التفرقة سببا رئيسا من أسباب الطلاق.
تابعت قائلة: حالات طلاق كثيرة تم رصدها في محكمة الأسرة بدأ الخلاف فيها بسيطا يسيرا لا يتعدى المواقف العادية التي يتعصب فيها الزوج فينهر زوجته الأمر الذي يجعلها تترك البيت وكان من الممكن أن ينتهي الأمر بعد يوم أو يومين عندما تكون الأنفس قد هدأت والأعصاب المتوترة شعرت بالراحة لكن ما إن تذهب الزوجة لبيت أهلها حتى يبدأ البعض في النفخ في ألسنة النار الضعيفة حتى تتوهج وتستعر فتأكل الحياة الزوجية بأكملها حيث تصدر أفعال غير لائقة يتلقاها الطرف الثاني بضيق شديد وربما يرد عليها أو لا يرد لكنها تتسبب يوما بعد آخر في المضي نحو نتيجة حتمية.. هي الطلاق.
قال الشيخ عبدالهادي محمد مأذون شرعي: لا يوجد مأذون في أي موقع بمصر إلا ويلاحظ ازدياد معدلات الطلاق عن ذي قبل بنسبة ملحوظة بل مفزعة ومحزنة في الوقت نفسه فمقابل كل حالة طلاق أسرة تتصدع أو تنهار تماما مخلفة حزنا ووجعا وذكريات أليمة والمؤسف للغاية هو حال الأطفال الذين يتشتتون بين الأم والأب فلا هم هنا بالكامل ولا هناك بالكامل ولا مع الاثنين كما كانوا ونشأوا فتبدأ المعاناة الحقيقية التي قد تتسبب في ضرر نفسي بالغ للأطفال.
أضاف قائلا: عندما يقصدني أحد في حالة طلاق أحاول جاهدا التوفيق بين الطرفين وأنفق من وقتي وجهدي هنا وهناك وأتحدث مع الطرفين في محاولة للم الشمل وقد أنجح بالفعل في إلغاء فكرة الطلاق وتعود المياه إلى مجاريها ويلتئم شمل الأسرة ولحظتها أكون في غاية السعادة لكن للأسف معظم الذين يقصدونني للطلاق يكونون قد وصلوا لمحطة نهائية وطريق مسدود وقرار لا رجعة فيه فتذهب محاولاتي للصلح سدى وعندها لا أجد بدا من تطليقهم بناء على رغبتهم الحرة.
تابع قائلا: ومن خلال الحالات التي باشرتها وجدت أن كثيرا من الأطراف يتدخلون بين الزوجين فيهدمون البيت على رأسيهما ولا يتركونه إلا أنقاضا وربما كانت أخت الزوجة أو شقيقها هو السبب أو والدها ووالدتها أيضا وقد يكون الأمر مثله عند الزوج وربما زوجة أخيه هي السبب أو أحد أقاربه وهذا أمر محزن للغاية أن يكون الأقارب أداة فاعلة في يد الشيطان الذي يسعى جاهدا للتفريق بين الزوجين بالطلاق.
أوضح أن دور الأقارب مهم للغاية وحيوي في تحقيق الصلح بين الزوجين المتخاصمين أو توقيع الطلاق بينهما عن طريق النفخ في مستصغر الشرر حتى تصبح نارا مستعرة تأكل الأخضر واليابس في الحياة الزوجية فتنتهي بالطلاق وبعدها ينفض الأقارب كل إلى بيته وأولاده بينما الزوج والزوجة المطلقين قد خسر كل منهما بيته واستقراره وأمان أولاده وسعادتهم.
دعا كل زوج وزوجة إلى التروي والصبر والتفكير في مصير الأبناء قبل اتخاذ القرار بالطلاق وأيضا دعا الأقارب إلى التدخل بالصلح ودعم بقاء الأسرة وإلا فليلتزموا الصمت حيث سيكون خيرا لهم من التسبب في هدم الأسرة.