أحمد معوض يكتب: “24 ساعة” في “24 ساعة”!
أحمد معوض يكتب: “24 ساعة” في “24 ساعة”!
في العام 2005،قرر نظام الرئيس الراحل حسني مبارك إجراء أكبر حركة تغييرات صحفية في مصر، طالت الرؤوس الكبيرة كلها؛ الكاتب الصحفي الراحل ابراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام، والكاتب الصحفي الراحل إبراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، والكاتب الصحفي القدير سمير رجب، متعه الله بالصحة والعافية، وكان وقتها رئيساً لمجلس إدارة دار التحرير ورئيسا لتحرير الجمهورية. خبر التغييرات وقع كالصاعقة على القيادات الصحفية، التي لم تتوقعه على الإطلاق!
اكتفى كل من نافع وسعدة،مع حفظ الألقاب، بكتابة المقالة اليومية، بينما قرر سمير رجب، مع حفظ الألقاب أيضاً، خوض تجربة صحفية مجنونة من الصفر، حيث أسس لصحيفة تابلويد (صغيرة الحجم) تحت اسم «24 ساعة»، واحتفظ لنفسه أيضا بمنصبي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.
الحقيقة كانت تجربة ثريةوفريدة من نوعها بكل المقاييس، حقق فيها سمير رجب نجاحاً لا أستطيع أن أقول إنه غير مسبوق، إذ أنه هو شخصياً حققه قبل سنوات بعيدة مع جريدة «المساء». ومع ذلك تبقى تجربة «24 ساعة» مختلفة بكل تفاصيلها. وعلى الرغم من أنني التحقت بالعمل في ديسك الجريدة الوليدة لمدة يوم واحد فقط، إلا أنني تابعت التجربة من خارجها بكل اهتمام.
وحتى لا أطيل، سأذكر موقفين أو مثالين على مدى نجاح هذه الجريدة، صغيرة الحجم كبيرة القيمة، حتى تتضح الصورة وتصل الفكرة.
أولاً:كانت جريدة «24 ساعة» توزع بالمجان، وقد سبقتها في فكرة التوزيع المجاني صحيفة أخرى إعلانية فقط لعلكم تتذكرونها باسم «الوسيط». وكانت عملية توزيع جريدة «24 ساعة» تتم عن طريق مندوبين يرتدون زيا مميزا عليه شعار الجريدة، وكانت لهم أماكن محددة يقفون فيها لتوزيع النسخ بالمجان. يوم بعد الآخر ذاع صيت الجريدة، وازداد الإقبال عليها – أبو بلاش كتر منه – لدرجة أنني كنت أشاهد يوميا طابورًا من المواطنين يقفون أمام عمارة ماسبيرو في ميدان عبد المنعم رياض انتظاراً لوصول مندوب الجريدة! بالتأكيد فإن هذا المشهد يشجع «أتخن» مُعلن أن يضع إعلانه في هذه الجريدة التابلويد وهو مطمئن من أن إعلانه سيصل للملايين من البشر، وبالمجان.
ثانياً:بعد اليوم الواحد الذي اشتغلت فيه بجريدة «24 ساعة» جاءتني فرصة للعمل كرئيس للقسم الخارجي مع تجربة وليدة أخرى وهي «روزاليوسف» اليومية برئاسة تحرير الكاتب الصحفي الراحل عبد الله كمال. كنت أعد يومياً مع زملائي في القسم صفحتين بالحجم الكامل إحداهما شؤون دولية والأخرى عربية. الغريب في الأمر عندما كنت أطالع جريدة «24 ساعة» في اليوم التالي، كنت أجد كل الأخبار التي نشرتها على صفحتين «ستاندارد»، الحجم الكبير، موجودة في صفحة واحدة تابلويد في جريدة «24 ساعة»، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المهنية الشديدة التي كان يتميز بيها الزملاء في التجربة الفريدة.
وأخيرًا، ما أريد توصيله يطول شرحه، ولكن ربما ألقت السطور السابقة الضوء على جزء مما أريد. الأزمة ليست في أوراق أو أحبار، الأزمة في التفكير «خارج الصندوق»!
وأخيرًا، ما أريد توصيله يطول شرحه، ولكن ربما ألقت السطور السابقة الضوء على جزء مما أريد. الأزمة ليست في أوراق أو أحبار، الأزمة في التفكير «خارج الصندوق»!