الخميس - 21 نوفمبر 2024 - 1:43 مساءً
الرئيسية / كتاب ومقالات / مبارك الشهواني يكتب: تحرير القدس بين التخاذل والتخذيل

مبارك الشهواني يكتب: تحرير القدس بين التخاذل والتخذيل

 

مبارك بن راشد الشهواني يكتب: تحرير القدس بين التخاذل والتخذيل

في إحدى ليالي شوال الباردة في السنة الخامسة من الهجرة وفي ليلة مظلمة حالكة السواد من ليالي غزوة الخندق العصيبة حين كان النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه محاصرين من قبل قريش واحلافها في عشرة آلاف مقاتل وهو جيش لم يجتمع للعرب مثله، نقض بنو قريظة العهد، وارتكبوا الخيانة العظمى واشتد الأمر على المسلمين والم بهم من الخوف ما الله به عليم، وانظر الى الوصف القرآني لحال المسلمين فقال جل من قائل: (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا).

ولكن الله إذا أراد شيئا يسّره، ففي هذا الظرف الدقيق تقدم رجل من غطفان إلى رسول الله معلنا اسلامه في توقيت لا يمكن توقعه على الاطلاق، وقال رضي الله عنه: يا رسول الله اني قد أسلمت ولم يعلم قومي بإسلامي، فمرني بما شئت فقال عليه الصلاة والسلام: “إنما أنت فينا رجل واحد وماذا عسى ان تفعل؟ ولكن خذّل عنا ان استطعت فإن الحرب خدعة” فقال: سترى ما يسرك بإذن الله” ذاك هو نعيم بن مسعود الأشجعي الغطفاني، فانظر ماذا فعل رجل واحد بعشرة آلاف.

توجه نعيم بن مسعود من فوره إلى بني قريظة وكان نديما لهم، وقال لهم: يا بني قريظة، تعرفون ودي لكم وخوفي عليكم وإني محدثكم حديثا فاكتموه عني، قالوا: نعم، فما أنت عندنا بمتهم فقال: إن قريشا وغطفان قد بدأوا بالضجر من هذه الحرب وهم هنا إن رأوا فرصة اغتنموها وإلا انشمروا الى بلادهم عنكم، فإن هم فعلوا فوالله لينتقمن محمد منكم اشد الانتقام، قالوا: صدقت، فما الرأي عندك؟

قال: الرأي عندي ألّا تقاتلوا حتى تأخذوا طائفة من أشرافهم رهائن عندكم فتضمنوا ألا يتركوكم وحدكم إلى ان تنتصروا عليه او يفنى آخر رجل منكم ومنهم، فاستحسنوا رأيه وقالوا: قد أشرت بالرأي.

ثم خرج من فوره إلى أبي سفيان بن حرب في مجلسه، وقال له ولمن معه: يا معشر قريش، قد عرفتم ودي لكم وعداوتي لمحمد وإني قد بلغني أمر فرأيت على حقا ان اخبركم به ولكن اكتموه عني، فقالوا: نفعل، قال: تعلمون اني نديم لبني قريظة منذ زمن واني علمت انهم قد ندموا على نقضهم عهد محمد ومن معه وقد ارسلوا اليه اننا قد ندمنا، فهل يرضيك ان نأخذ لك من القبيلتين من اشرافهم اناسا تضرب اعناقهم، ثم نكون معك على بقيتهم حتى نستأصلهم فأرسل اليهم ان نعم، فإن جاؤوكم يهود يريدون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا لهم رجلا واحدا، فقال ابوسفيان: نعم الحليف انت.

ثم ذهب الى غطفان وقال: يا غطفان، انكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلى ولا أراكم تتهموني، قالوا: صدقت ما انت عندنا بمتهم قال فاكتموا عني. قالوا: نفعل، فما أمرك؟ فقال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم فشكروه على حسن رأيه واثنوا عليه، ثم انه لم يمض من الوقت غير قليل حتى اراد ابوسفيان ان يختبر بني قريظة بنفسه حتى يقطع الشك باليقين، فأرسل إليهم عكرمة بن ابي جهل، ومعه نفر من قريش وغطفان في ليلة سبت وقالوا لهم: يابني قريظة، تعلمون اننا لسنا بدار مقام وقد هلك الخف والحافر، فاهجموا غدا لتضربوا جيش محمد من الخلف حتى نستطيع ان نقتحم نحن الخندق فيقع محمد ومن معه بين فكّي كمّاشة ونفرغ مما بدأناه فقال بنو قريظة: ان اليوم يوم سبت ولا نعمل شيئا في السبت ولسنا نقاتل محمدا حتى تعطونا من اشرافكم رهائن لاننا نخشى ان تتركونا وحدنا والرجل لا طاقة لنا به.

(فقالت قريش وغطفان والله ان الذي حدثكم به نعيم لحق) فأرسلوا إليهم قائلين: لن نعطيكم رجلا واحدا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا (فقالت قريظة فيما بينها: والله ان كلام نعيم لحقّ، هؤلاء هنا ان وجدوا فرصة انتهزوها والا تركوكم وذهبوا عنكم)، فأصر كل منهم على موقفه وكانت هذه الحيلة العبقرية سببا أساسيا في عدم اقتحام المدينة من الجهتين بعد لطف الله وتدبيره.

فلا يحزنك تثبيط المتخاذلين عزيزي القارئ إنما هم يخذلون عن اخوانهم ما ستطاعوا، فخذّل أنت عن ابطال فلسطين ما ستطعت.

عن Nas News

شاهد أيضاً

الخارجية الفلسطينية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب وتنتهك القانون الدولي ولابد من رفع الظلم

كدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل ارتكاب جرائمها ضد الإنسانية في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *